ا.د. حامد بن محمود إبراهيم صفراطه
الاخـتلال، والفرقة في القيادة العليا في دولة فارس
ولا شك أن الاختلال، والفرقة في القيادة العليا في دولة فارس كان لها دورا، ولكن ليس من العدل بمكان، أن يكون نصر المسلمين قد بني على ذلك، ولا يجوز أن يعطي غير دوره وقدر حجمه، وإلا فإن موت أبو بكر الصديق ، وعزل عمر لخالد بن الوليد كانا قارعتان ومصيبتان تؤثران على مسار الفتح الإسلامي، ولكن ذلك لم يكن!!
لا شك أن مثل هذه العوامل لها آثارها ولكن بقدرها، ولا يجوز تحميلها أكبر من قدرها.
الجزية
والجزية تلك التي أوقفوا الدنيا عليها ولم يقعدوها، وهي لا تتعدى ضريبة الدفاع، أو ضريبة المشتريات في أيامنا هذه!! إن الدفاع عن أي وطن يستلزم أن يدفع المواطنون ثمن هذا الدفاع، إما بالمشاركة أو بدفع جزء من المال لمن يستطع، ومن لم يستطع لا يدفع، بل يُعطى من بيت مال المسلمين، سواء كان مسلماً أو غير مسلم، من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب، وقد رد أبو عبيدة بن الجراح ما كانوا قد أخذه أمراء الجند من أهل حمص في سوريا، وقالوا لهم:
قد بلغكم ما جُمع لنا من الجموع (أي من الروم)، وإنكم قد اشترطتم أن نمنعكم (من الظالمين الروم) وإنا لا نقدر على ذلك الآن، وقد رددنا عليكم ما أخذناه منكم، ونحن على الشرط وما كان بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم" فهل يعقل من هذا الكلام غير أن الجزية هي ضريبة" للدفاع فإذا عجزت الدولة الإسلامية عن الدفاع، لم تستحق أخذ شئ بل إن ساعدها أهل البلد، يدفع لهم باقي الجنود المسلمين، ولكن قد يطرح السؤال لماذا لم يكن هذا هو الأصل بدلاً من الجزية؟ السؤال وجيه، ولكنه يغفل أن محرك الفتح أصلاً هو للدعوة إلى الله وهذا أمر لا علاقة لغير المسلم به.
وهذا شهرباز يعرض على سراقه بذلك، أي بالمشاركة مع جيش المسلمين، وأجاز عمر بن الخطاب ذلك واستحسنه.
هذه هي حقيقة الجزية، فهي ضريبة سيادة وضريبة دفاع.