ا.د. حامد بن محمود إبراهيم صفراطه
2) التعصب الديني، وحب الغزو،
الغزو أم الدعوة؟
لم يقم أي جيش من جيوش المسلمين، بأي غزو وعلى أية جبهة، أو على أي بلد، إلا وقد دعا القوم إلى الإسلام، فيكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أو الجزية، وهي ثمن للحماية وتكاليف الدفاع عنهم، فإن فشل المسلمون في تلك المهمة، ردوا ما أخذوا، بل إن من قاتل معهم رفعت عنه هذه الضريبة، ضريبة الدفاع إن صح التعبير، وشاركوا في الغنائم.
فإذا أبو لم يكن هناك بد من الحرب، التي تتيح للناس سماع كلمة الحق، ورفع جبروت الطغاة المستبدين.
وقد بعث رسول الله بعوث إلى ملوك الأرض آنذاك، يدعوهم إلى الإسلام كما ذكر ابن هشام، فمنهم:
1) فبعث دحيه الكلبي الى قيصر، ملك الروم،
2) وبعث عبد الله السهمي الى كسرى، ملك فارس،
3) وبعث عمرو الضمري الى النجاشي، ملك الحبشة،
4) وبعث حاطب بن أبي بلتعة الى المقوقس، ملك الإسكندرية،
5) وبعث عمرو السهمي الى جيفر وعياد، ملكي اليمامة،
6) وبعث سليط بن لؤي الى ثمامة وهوذة، ملكي اليمامة،
7) وبعث علاء الحضرمي الى المنذر العبدي، ملك البحرين،
وبعث شجاع الأسدي الى الحارث، ملك تخوم الشام،
9) وبعث شجاع الأسدي الى جبله الغسائي،
10) وبعث المهاجر الى الحارث الحميري، ملك اليمن.
وروى الطبري أن رسول الله أرسل رسائل منها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس.
هذه الدعوة لم تلق حواراً، ولم تجد استجابة، بل صادفت كبراً وتعنتاً، فمزق الرسالة، وأرسل إلى رجله في اليمن أن يرسل رجلين لإحضار هذا الذي تطاول على مقامة!!
فلا يدعي أحد أن تحرك المسلمين خارج الجزيرة العربية، كان لاستغلال جيوش المسلمين التي حاربت المرتدين، ويجب إشغالها بعمل آخر، حتى لا تعود وتهاجم النظام الخلافي في المدينة المنورة، ولا هي فكرة ارتجالية من أبي بكر نشأت وتطورت عن حوادث قمع الردة، كما أوضح ذلك الأستاذ احمد عادل كمال في دراساته (انظر ثبت المراجع).
وقد بدأت هذه الغزوات في حياة النبي عام 6للهجرة – 628م، ثم كانت غزوة مؤتة في عام 8 للهجرة، وغزوة تبوك في 9 للهجرة، وكذلك جيش أسامة في 10 للهجرة، وكلها غزوات خارج الجزيرة العربية!!.
ولقد سبق أن أشار النبي في مواطن كثيرة ببشرى فتح فارس والروم، وسُأل بجدية كاملة، أيهم يفتح أولا!! فقال فارس ثم رومية!!
ففي مسند الحارث(زوائد الهيثمي، ج2/ص704) عن عبد الله بن عمرو قال أمر رسول الله بالخندق على المدينة، فأتاه قوم فأخبروه أنهم وجدوا صفاة لم يستطيعوا أن ينقبوها، فقام رسول الله وقمنا معه، فأخذ المعول فضرب فلم أسمع ضربة من رجل كانت أكبر صوتا منها "فقال: الله أكبر فتحت فارس، ثم ضرب أخرى مثلها، فقال: الله أكبر فتحت الروم، ثم ضرب أخرى مثلها، فقال: الله أكبر وجاء الله بحمير أعوانا وأنصارا"
أما دعوى القومية، فدعوات القومية هذه بدعة جديدة منذ عدّة قرون، بدأت في أوروبا ثم أُبتلي بها العالم الإسلامي، وكيف تكون دعوة قومية ورسول الله يقول "يا سلمان أنت منا أهل البيت" (سير أعلام النبلاء ج1/ص142)
وقول الحق سبحانه وتعالى: (الحجرات)
وحديث أبي هريرة رواه أبو داود في سننه قال: قال رسول الله "إن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالآباء"